تأملات في المفاوضة الجماعية داخل قطاع الفوسفاط
لعل ما دفعني إلى كتابة هذا المقال عن المفاوضة الجماعية CNC الأخيرة ليوم الخميس 23 ماي الماضي ،هو هزالة وضبابية تلك النتائج مقارنة مع الآمال الكبيرة للشغيلة التي علقت على هذا اللقاء الذي جمع الكاتب العام للإدارة الفوسفاطية السيد القادري والوفد المفاوض للنقابات الأربع الاكثر تمثيلية UNTM ، UGTM ، FDT ، CDT حيث خرجت هذه النقابات وللأسف بخفي حنين تاركة الإدارة الفوسفاطية تزهو بهذا الانتصار الجديد ، بعد ذلك الإنتصار الذي تم فيه تمرير بعض الملفات الحساسة ( التقاعد ، الترقية ، التغطية الصحية ، السكن ...) ، حيث اكتفت هذه النقابات للاسف بدور المتفرج على هذا الهجوم الممنهج على مكتسبات الشغيلة الفوسفاطية . وكان الأجدر ان تجتمع هذه النقابات على الأقل يوم او يومين قبل لقاء الخميس 23 ماي وذلك من أجل التشاور وتدارس الإقتراحات لتصليب عود الطرف المفاوض و أ يضا من أجل تقديم ملف مطلبي مشترك حتى يتسنى للطرف المفاوض الاستماتة من أجله.
وإذا ما رجعنا إلى أدبيات التفاوض او المفاوضة ، وإن كانت هذه الأخيرة فناً قبل أن تكون ممارسة نقابية عادية ، فحسب المفكر والفيلسوف الإيطالي ماكيافلي الذي يتحدث في كتابه "الأمير" عن شخصية المفاوض و ربطها بمثال تصرف حيوانين متناقضين : "الأسد والثعلب" .
بمعنى أن المفاوض يجب أن يتصرف ك"أسد "إذا كان وضعه في محل قوة ، ويجب أن يتحايل و أن يتصرف ك"ثعلب" إذا كان في وضعه في غاية الضعف .
كذلك من الأدبيات المتعارف عليها هو ان المفاوض لا يجب أن يطالب بالمزيد ، أو على الأقل أن لا يظهر للطرف الأخر أنه في محل ضعف وأنه يكتفي بما سيجوده عليه و لعل النتائج التي تمخضت عن لقاء المفاوضة الجماعية الأخير تضعنا نتساءل حول حقيقة ما يجري ، وكيف يمكن أن نسقط نظرية ما كيافيلي على التفاوض الجماعي داخل قطاع الفوسفاط ؟وما هو الوضع الحقيقي الذي توجد عليه النقابات المفاوضة ؟
